وزير الكهرباء : اللهم بلغت !

وضع الدكتور أحمد قصي كيالي الاعلام في صورة واقع الطاقة الكهربائية في سورية، والوضع «الاستثنائي» الذي نشهده بسبب الارتفاع في درجات الحرارة وآثارها القاسية على كفاءة واستطاعة محطات التوليد.. فارتفاع الحرارة أدى إلى زيادة في الطلب على الكهرباء وهذه الزيادة أدت إلى كشف الكثير من الأمور وأولها العجز في مقدار الطاقة المطلوبة والذي وصل إلى 1000 ميغا واط وربما 1500 ميغا واط.. وثانيها تدني كفاءة محطات التوليد لأن محطاتنا بالأصل حرارية وبخارية وغازية، وعلمياً تفقد المحطة مابين 0.7 - 0.9٪ من استطاعتها كلما ارتفعت درجة الحرارة درجة واحدة بعد مستوى الـ26 درجة. والأهم فيما كشف هو مدى قدرة تلك المحطات ليس على الاستمرار في العمل فقط بل قدرتها في ظل هذه الظروف «الاستثنائية المرشحة للتفاقم بارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام القادمة أي حتى 15 من الشهر الجاري آب.. قدرتها في الحفاظ على الحدود الدنيا في كفاءتها دون أن تتضرر بشكل أو بآخر. الأمر الذي قد يؤدي لتوقفها وبالتالي تفاقم العجز وزيادة ساعات التقنين التي وصلت إلى 5 ساعات يومياً وإلى 10 ساعات في عدد من المناطق نتيجة الأحمال العالية وتعطل بعض محطات التحويل ومراكز التحويل وتضرر الشبكة.
تفرض نفسها
مؤشرات فرضت نفسها ولم تجد الوزارة حيالها سوى مناشدة المواطنين عبر وسائل الإعلام لتطبيق الترشيد في الاستهلاك مهما استطاعوا حيث يشكل حجم الاستجرار المنزلي 43٪ من حجم الطاقة المنتجة في سورية أي (ترشيد وتقنين).. والاقتراح على رئاسة الوزراء بالتوجيه لجميع الجهات العامة بتشغيل مجموعات توليدها الخاصة التي أكدت التقارير جاهزيتها بنسبة 99٪ للتخفيف ما أمكن من حمولة على الشبكة وعلى محطات التوليد والتحويل وخاصة في ساعات الذروة التي تمتد لساعات وتحولت في موعدها من مسائية إلى صباحية لأول مرة في سورية خلال عدد من الأيام الماضية..
رغم تكرارها
مؤشرات تفرض نفسها على الوزارة.. وكما فرضت سابقاًَ ستفرض حالياً ولاحقاً إذا ما استمر الوضع كذلك ولم نسارع إلى ردم الهوة في معادلة العرض والطلب..، جملة من التساؤلات الملحة.. فالظرف الاستثنائي لطاقتنا ليس وليد اللحظة ولايمكن القول والتسليم بأنه غير متوقع لابل على العكس أكدته ونبهت إليه ومنذ سنوات عديدة وطويلة أكثر من دراسة وماحصل من زيادة في درجات الحرارة هي زيادات متوقعة أيضاً وإذا لم تكن هناك درجات حرارة فهناك زيادة في الاستثمارات والمشاريع المختلفة وتوسع عمراني وخدماتي.. وكل ذلك التنامي والارتفاع فرض الزيادة الطبيعية في الطلب وسيفرضها مع كل نشاط اقتصادي وغير اقتصادي..
لماذا وصلنا إلى هنا؟
يقول قائل، إنه ليس الوقت المناسب للحديث في تلك المواضيع وأن الأولوية والواجب حالياً هو وضع كل منا أمام مسؤولياته لمواجهة تحديات هذه الظروف والتركيز على الترشيد لتوفير ماأمكن من «الميغاوات» ومع أننا لانخالف هذا التوجه ونؤكد عليه وعلى ضرورته وضروة أن تكون هناك حملة توعية وطنية على مختلف الصعد بسبب الضرورات القصوى ولإنعدام الخيارات.. لكن لابدّ من القول: إن الأمر لم يعد يحتمل المسايرة..والترقيع في المعالجة.. والاصرار على التساؤل لايعني أننا نسعى لتسجيل بعض النقاط والنشاط في اقتناص التقصير في تعاطينا مع موضوع الطاقة.
السرعة في التطبيق
وللتذكير فقط، على سبيل المثال لا الحصر، فموضوع التشاركية بين العام والخاص ومتطلبات الأخير للاستثمار من قطاع الطاقة كما في قطاع المياه لاتزال عناوين محفزة غير مترجمة.. ومازلنا نناقش ونراجع ونعدل ونحذف ونضيف في البنى التشريعية دخوله رغم اطلاعنا على العديد من التجارب العالمية في هذا الشأن.. وكذلك على موضوع الطاقات المتجددة والاستثمار في كفاءة استخدامات الطاقة و..و.. وحتى في القوانين والمراسيم والقرارات المتعددة التي تم إصدارها لايختلف الوضع كثيراً بدءاً من توطين السخان الشمسي ودعمه وليس انتهاء بقانون اللصاقة الطاقية وقانون كود العزل الحراري للأبنية وتطبيق الأنظمة البيئية وأنظمة الجودة في قطاع الطاقة وغير ذلك.
عقدة التخطيط والتنفيذ
وهنا نذكر بحملة «المليون الموفر للطاقة» الذي كان سيوزع مجاناً كنوع من الترويج لحملة التوعية الهادفة إلى توطين ثقافة الترشيد في المجتمع.. أين هي؟..
ونذكر بتعميم رئاسة مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجان دائمة من كافة الجهات العامة لمتابعة وضبط استهلاك الكهرباء والترشيد فيه.. والتي رغم الوعد بإعطاء الحوافز المادية بمقدار الموفر من الطاقة للعاملين في تلك الجهات إلا أن لا سيئ يذكر على هذا الصعيد.. أما إذا ما تعمقنا أكثر فنتساءل عن فعالية ودور مركز بحوث الطاقة وحجم الدعم المالي والفني المقدم له للنهوض بمهامه.. والذي يؤكد العاملون فيه أنه لايزال عنواناً كبيراً لمضمون متواضع حتى الآن..!؟
اللهمّ بلغت ؟!
وزير الكهرباء والوزارة وعلى طريقة «اللهم بلغت» ناشدا وأهابا بالمواطنين كل بدوره لتخفيف الأحمال عن منظومة الطاقة الوطنية بكل مكوناتها، فقد تراجعت استطاعة محطة توليد دير علي الحديثة من 750 ميغاواط الى 592 ميغا بخسارة 158 ميغا ومحطة جندر من 600 ميغا إلى 345 ميغا بخسارة 255 ميغا والزارة من 440 ميغا إلى 200 بخسارة 240 ميغا وكذلك في الناصرية.. ليصل حجم العجز إلى 866 ميغا ويضاف إلى هذا العجز والخسارة زيادة أيضاً في معدل الاستهلاك.. الأمر الذي فاق كل المتاح والممكن من الإمكانات.
شام نيوز - البعث