وفيق الزعيم يرحل مبكراً

 

لم يسعف الوقت الفنان السوري الكبير وفيق الزعيم ليقدم مشروعه الفني المتكامل للجمهور الذي أحبه فكان الموت أسرع من أحلامه التي بقيت في حالة انتظار لسنوات.

نعم تمكن مرض السرطان من إيقاف نبض قلب ابي براء يوم أمس بعد معاناة طويلة مع هذا المرض الشرس في صمت وصبر ليسا بغريبين عن إنسان أحب الحياة وأعطى التفاؤل لكل من حوله طيلة سنين حياته فرحل وهو راسخ في مخيلة الجمهور بابتسامته وعنفوانه المميزين.

امتلك الزعيم حضوراً مميزاً في الحياة وفي التمثيل فقدم عبر سنوات طويلة أدواراً درامية متنوعة وغنية طاحون الشر, حمام القيشاني, الحصرم الشامي, كوم الحجر والداية, واستطاع من خلالها أن يحجز حيزاً في ذاكرة الناس ومكاناً خاصاً به في الدراما السورية بعفويته وصدقه وموهبته العالية إلى جانب حضوره اللافت في الإذاعة والمسرح والسينما.

وعانى أبو براء من تهميش موهبته لسنوات من قبل المخرجين التلفزيونيين خاصة في الفترة ما بعد منتصف التسعينيات مع بداية تطور الدراما السورية حتى أعاد المخرج بسام الملا اكتشافه من جديد في مسلسل باب الحارة الذائع الصيت بأجزائه الخمسة مما أعطى لهذا الفنان جزءاً من حقه في الوصول للناس وتكريمه وتقدير فنه.

ويقر كل من عرف الفنان صاحب شخصية أبو حاتم في مسلسل باب الحارة عن قرب بأنه إنسان يفيض بالحب للوطن و للناس ولكل شيء جميل في الحياة وهذا أول ما يمكن للشخص ملاحظته في الراحل الكبير من خلال ابتسامته الوقورة وكلماته الجميلة التي تعبر عن رقيه الإنساني و ثقافته الغزيرة في الفن وفي مختلف مناحي الحياة.

لم يعرف الراحل الاستسلام يوما كما أنه لم يركن للضعف والكسل فواظب على العمل في كل المجالات التي كانت متاحة أمامه رغم مقاطعة أغلب المخرجين له لفترة طويلة وعدم تقديم الأدوار الأولى له بما يتوافق مع موهبته التمثيلية المميزة فمثل في الإذاعة والمسرح وتعلم المكياج وتصفيف الشعر والديكور بالإضافة لمعرفته بالموسيقا والرسم مما شكل نموذجاً للفنان المناضل خصوصاً في السنوات الأخيرة التي عاشها بمزيج من العمل المجد والغزير ونشوة النجاح مع معاناة ألم المرض حتى الرحيل.

حمل ابن حماة مشروعه الفني طيلة مسيرته ولكنه لم يستطع ان يبدأ في تنفيذه إلا في السنوات الأخيرة فكتب مسلسل الزعيم وكان يعد للجزء الثاني منه الى جانب عدة أعمال درامية معاصرة ضمن رؤية متكاملة للدراما السورية تقوم على تحويلها إلى "صناعة وطنية" حقيقية تعبر عن الناس والوطن بصدق بعيداً عن المال القادم من الخارج وما يحمله من نوايا ومشاريع هدامة للمجتمع السوري والعربي.

فكان الفنان الراحل عن عمر 53 عاماً يشدد دائماً على أهمية "تبني المشروع الفني الوطني" من قبل كل الجهات الرسمية والخاصة لتقديم دراما وسينما ومسرح بإطار فكري راق يعمل على بناء الإنسان السوري ويرتقي بالمجتمع ككل.

رحل وفيق الزعيم تاركاً أعمالاً راسخة في ذاكرة الجمهور وبصمة خاصة به في الدراما السورية كما ترك وصاياه للناس وللقائمين على الفن السوري عموماً معتمداً دائماً على الحب للوطن والإنسان فبالحب خلاصنا كما كان يرى فكم نحن بحاجة اليوم لفكر وعمل يحملان الحب والمحبة لبناء وطن جميل معافى.

يذكر أن للفنان الراحل مشاركات سينمائية الى جانب الأعمال الدرامية حيث مثل في فيلمين سينمائيين هما الطحالب وسحاب إضافة إلى العديد من الأعمال المسرحية بينها المفتش العام والاستثناء والقاعدة وحكاية زهرة الحفارة ومصرع عامل.

والفنان الزعيم حائز على العديد من الجوائز بينها جائزتا الإبداع الذهبية والدولة التقديرية في مهرجان القاهرة.