وماذا عن متاحفنا المهملة وآثارنا المنهوبة في متاحف العالم؟؟

تيسير أحمد – شام نيوز
يكاد لايمر يوم دون أن نقرأ أخباراً عن الآثار السورية، إن كانت حول اكتشاف مواقع ولقيات جديدة، أم عن إقامة معارض داخل القطر أو خارجه. وسواء شئنا ذلك أم أبينا، تعد الآثار أحد المصادر الرئيسة للجذب السياحي العالمي إلى سورية، وكثير من السياح الغربيين الذين يمكن وصفهم بالأغنياء يزورون البلاد بقصد الاطلاع على الآثار بالدرجة الأولى، إذن الموضوع ليس ترفاً فكرياً بل هو مصدر من مصادر الدخل الوطني لاشك في أهميته. ومن هذا المنطلق يحق لنا أن نتساءل هل وضع الآثار في بلدنا يوازي أهميتها الإستراتيجية من الناحية السياحية، أو من حيث قيمتها العلمية الإنسانية.
صحيح أن هناك جهوداً تبذل على صعيد تأهيل بعض المواقع المهمة، مثل موقع تدمر وموقع سرجيلا وبصرى، وغيرها، ولكنها تبقى محدودة وتكاد لاتظهر مقارنة مع كم المواقع الكبير والأهمية القصوى لبعض هذه المواقع، ليس على صعيد الثقافة العربية فقط، بل على صعيد العالم أجمع.
مواقع مهمة ومهملة
ولكي لا يكون كلامنا في العموميات نتساءل عن موقع مدينة الرصافة قرب الرقة، هذه المدينة التي سميت على اسم القديس سرجيوس وفيها جثمانه، وهو قديس كبير لدى جميع المسيحيين، فموقع هذه المدينة المتكاملة المسورة بسور دفاعي فريد من نوعه يكاد أن يكون شبه مهمل، ويفتقد للخدمات التي تشجع على الإقامة في هذا الموقع الرائع.
سور مدينة رصافة هشام أو سرجيوبولس
وهناك موقع قصر ابن وردان، على طريق حماة – تدمروهو قصر يكاد ان يكون الأجمل بين القصور البيزنطية ليس على مستوى الشرق فحسب بل على مستوى العالم اجمع.
وهناك موقع مدينة حوارين في البادية السورية إلى الشرق من حمص، وهو من المواقع الأثرية الهامة، فهو مهمل إلى درجة تدعو للرثاء.
وهناك المدن التي تسمى "المنسية" في محافظتي إدلب وحلب، من مدينة البارة ذات الآثار الغنية والمتنوعة والعظيمة، إلى مدينة قنسرين التي كانت عاصمة من عواصم سورية القديمة.
وهناك مدينة دورا اوروبس على الفرات، هذه المدينة الفريدة من نوعها في العالم من حيث التنوع الديني الذي لم يشهده أي مكان على هذه الكرة الأرضية.
وغير ذلك الكثير الكثير.
آثار مدينة حوارين
صحيح أن بلدنا عبارة عن متحف طبيعي للآثار، وأينما ضربت معاول المنقبين سوف تجد أثراً لحضارة ما على أي شبر من أراضي سورية، ولكن الحديث هنا عن مدن مكتشفة ومصنفة أثرياً ومعروفة عالمياً في الأوساط المهتمة، وكثير من السياح الغربيين يقصدونها بالذات لزيارتها. ولكن للأسف لا خدمات ولا مقرات إقامة مناسبة، ولا مواصلات منتظمة ولا أي شيء من هذا القبيل.
وهذا يجعلنا نستدعي تجارب بعض البلدان العربية الشقيقة مثل مصر والأردن، حيث يشكل الدخل السياحي المعتمد على سياحة الآثار في مصر رقماً يعتد به كثيراً، وكذلك نجاح الأردن في الترويج لبعض مواقعها التي تعد بالنسبة للمقاييس السورية مواقع ذات أهمية اقل من متوسطة، ومع ذلك تجتذب مئات الآلاف من السياح الغربيين سنوياً، نظراً لتوفر الخدمات بشكل شبه كامل بدءاً بالأدلة السياحية وانتهاء بمقرات الإقامة المناسبة.
متاحف لا تليق وآثار منهوبة لابد من استعادتها
وثمة قضية أخيرة لابد من الإشارة إليها وهي وضع متاحفنا الخاصة بالآثار سواء منها القائم في دمشق أو في المحافظات، فهذه المتاحف جملة وتفصيلاً لا تليق ببلد عظيم مثل سوريا، ويكفي أن نقول إن هناك من يتحدث عن وجود ربع مليون قطعة أثرية في أقبية مديرية الآثار والمتاحف، لا يوجد لها مكان للعرض أمام الجمهور.
فالمتحف الحالي، يكاد يضيق بمحتوياته، وحديقته تكاد تصيح من كثرة المعروضات، ونستطيع إن نقول إن عدد القطع الأثرية وتنوعها يجعل إمكانية إقامة متاحف متخصصة أمراً ممكناً وضرورياً، فلماذا لايكون هناك متحف للحضارة السورية القديمة ومتحفاً آخر
للحضارة السورية في العصور الكلاسيكية، ومتحف ثالث للعصور العربية الإسلامية. وتكزن هذه المتاحف بمستوى التطورات الكبيرة ومنسجمة مع روح التحديث التي تشهدها سورية.
نحت بارز للاله التدمري شدرفا من مقتنيات المتحف البريطاني
وثمة سؤال يطرح بين الحين والآخر، وهو ماذا عن الآثار السورية المسروقة والمعروضة في متاحف العالم، فهناك آثار سورية في المتحف البريطاني وفي متاحف فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية، وغيرها، وهذه القطع الأثرية إما سرقت في العهد العثماني أو أثناء الانتداب الفرنسي، أو هربها لصوص الآثار عبر طرق غير شرعية.. ألا ينبغي أن نطالب بها ونعيدها إلى مكانها الطبيعي؟
نحن نتحدث كثيراً عن آثار بلدنا، ولكننا لا نفعل ما يجب للحفاظ على هذه الآثار وعرضها بالشكل الأمثل الذي يعطي لسورية وجهها الحضاري الضارب في عمق التاريخ.