ويكليكس: واشنطن رتبت أحداث التغيير في مصر

اظهرت برقيات حصل عليها موقع ويكيليكس ان الولايات المتحدة دفعت عشرات ملايين الدولارات الى منظمات تدعو الى الديموقراطية في مصر.
وجاء في برقية مسربة صادرة عن السفارة الامريكية في القاهرة بتاريخ 6 كانون الاول 2007 ان الوكالة الاميركية للتنمية الدولية خصصت 66,5 مليون دولار في عام 2008 و75 مليون دولار في عام 2009 لبرامج مصرية لنشر الديموقراطية والحكم الجيد.
وقالت ديلي تليجراف إنها علمت أن الحكومة الامريكية تدعم بصورة سرية شخصيات بارزة وراء الانتفاضة المصرية، وأن هذه الشخصيات كانت تخطط "تغييرا في النظام" منذ ثلاثة أعوام.
وتقول ديلي تليجراف إنها علمت أن السفارة الأمريكية في القاهرة ساعدت معارضا شابا على حضور قمة برعاية الولايات المتحدة في نيويورك للنشطاء الشباب، وعملت على اخفاء هويته عن أمن الدولة في مصر.
وأضافت الديلي تليجراف أن هذا الناشط الشاب لدى عودته إلى مصر عام 2008 أبلغ دبلوماسيين أمريكيين أن تحالفا من الجماعات المعارضة وضع خطة للاطاحة بمبارك وتنصيب رئيس منتخب ديمقراطيا عام 2011.
وأضافت الصحيفة أن هذا الناشط قد اعتقل من قبل الأمن المصري بسبب مظاهرات وأن الديلي تليجراف تحمي سرية هويته.
وجاء في برقية اخرى من السفارة بتاريخ 9 تشرين الاول 2007 ان "الرئيس مبارك كان متشككا كثيرا بشان دور الولايات المتحدة في نشر الديموقراطية".
وجاء في البرقية التي نشرتها صحيفة "افتنبوستن" النروجية على موقعها على الانترنت انه "ومع ذلك فان برامج الحكومة الاميركية تساعد على إنشاء مؤسسات ديموقراطية وتقوية اصوات الافراد من اجل احداث التغيير في مصر".
وذكرت الصحيفة التي حصلت على كافة البرقيات الدبلوماسية الامريكية التي سربها موقع ويكيليكس وعددها 250 الف وثيقة، ان الولايات المتحدة اسهمت بشكل مباشر في "بناء القوى التي تعارض الرئيس" مبارك.
وجاء في البرقية الثانية التي نشرتها الصحيفة ان الاموال التي انفقتها الولايات المتحدة على نشر الديموقراطية كانت تستهدف برامج تديرها الحكومة المصرية بنفسها والمنظمات الاهلية المصرية والامريكية العاملة في الميدان.
وبحسب برقية ثالثة تحمل تاريخ 28 شباط/ فبراير 2008 ارسلت وزيرة التعاون الدولي المصرية فايزة ابو النجا رسالة الى السفارة تطلب فيها من "يو اس ايد" التوقف عن تمويل عشر منظمات "لانها غير مسجلة كمنظمات اهلية في الشكل السليم".
وفي تاريخ 20 تشرين الاول/اكتوبر اصدرت السفارة برقية رابعة وصفت فيها جمال مبارك، نجل الرئيس والمرشح لخلافته، بانه "يشعر بالانزعاج من التمويل الاميركي المباشر للمنظمات الاهلية المصرية لدعم الديموقراطية والحكم الجيد".
ويرى محللون ان الولايات المتحدة تحاول وهي تراقب قمع الانتفاضة في مصر تجنب التخلي عن الرئيس حسني مبارك حليفها منذ ثلاثين عاما بينما تدعم المثل الديمقراطية للمحتجين..
وفيما يلي بعض الخيارات أمام السياسية الأمريكية:
- تحقيق توازن "السيناريو الأكثر ترجيحا"
وزادت الولايات المتحدة وبصورة رئيسية من خلال وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون من دعواتها لحكومة مبارك لتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية وأن تكبح قوات الأمن عن الهجوم على المواطنين.
لكنها أوضحت أيضا عدم تخليها عن مبارك وإنها تتطلع إلى العمل مع الحكومة المصرية لتنفيذ إصلاحات.
والنتيجة هي محاولة لتحقيق توازن يشير محللون إلى أنه يستهدف وضعا تستطيع الولايات المتحدة معه التعامل مع من سيخرج منتصرا.. حكومة مبارك أو من سيخلفه.
وقال كينيث بولاك مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز بواشنطن " الخيط الرفيع الذي يتعين على الحكومة أن تسير عليه هو أنه من المحتمل أن ينجو النظام".
وقال بولاك "تاريخ الثورات يقول إنها تنجح فقط عندما تفقد الحكومة الإرادة أو القدرة على استخدام العنف وإلى الآن لم يحدث شيئا في مصر يشير إلى حدوث أي من الأمرين."
- دعم مبارك إلى أقصى طاقتها "غير مرجح"
مبارك وهو ضابط سابق في القوات الجوية حل محل الرئيس الراحل أنور السادات الذي اغتيل في عام 1981 شريك للولايات المتحدة بسبب دعمه معاهدة السلام مع إسرائيل ودعمه لتحقيق سلام أوسع نطاقا بين العرب وإسرائيل ومساعدته في محاربة الإرهاب وقضايا أخرى.
وكان الاستقرار في مصر في العقود الثلاثة الماضية قيمة كبيرة بالنسبة لإسرائيل التي لم يكن لديها ما يقلقها بشأن الجبهة االمصرية منذ معاهدة السلام في عام 1979 التي نتجت عن اتفاقيات كامب ديفيد التي تم التوصل إليها بوساطة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.
إذا كانت الولايات المتحدة ستمنح مبارك دعما غير محدود فإنها تخاطر بأن تقف على الجانب الخاطئ من التاريخ وبالتمسك بزعيم متسلط تستخدم قواته الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه ضد المحتجين.
وبينما وصفت كلينتون حكومة مبارك بأنها مستقرة يوم الثلاثاء تحولت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تدريجيا عن تأكيدها بجعل دعوتها من أجل الإصلاح أكثر تركيزا وبدعوتها القاهرة اليوم الجمعة " لكبح" قوات الأمن لديها.
وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي "الإصلاحات ضرورية بشكل مطلق لخير المصريين. وأضافت موجهة حديثها لزعماء الشرق الأوسط بشكل عام "عليهم أن ينظروا لمجتمعاتهم كشريك وليس كتهديد."
- التخلي عن مبارك أو معاقبته "الأقل ترجيحا"
إذا أدارت إدارة أوباما ظهرها لمبارك فإنها ستتخذ عددا من الخطوات من بينها..
-- تخفيض بعض أو كل المساعدات السنوية التي تقدمها واشنطن للقاهرة سنويا والبالغ حجمها 1.3 مليار دولار للمساعدات العسكرية ومساعدة اقتصادية حجمها حوالي 250 مليون دولار.
-- مطالبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن يتعامل مع قضية قمع المحتجين في مصر.
-- التنديد بالقمع علانية.
-- إبلاغ مبارك من وراء الكواليس أنه يتعين عليه أن يتنحي والتخلي عن حليف قديم كهذا قد يرسل إشارة شديدة لحلفاء آخرين للولايات المتحدة بأنه لا يمكن الاعتماد على واشنطن وقد تدفعهم إلى توثيق علاقاتهم مع آخرين مثل الصين وإيران.
وقال جون ألترمان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية "هذا سيكون حقيقيا بالنسبة لدول أخرى حليفة في أنحاء الشرق الأوسط "كعلامة على" إمكانية الاعتماد على صديق أمريكي."
وبغض النظر عما تفعله واشنطن فإن نفوذ الولايات المتحدة قد يكون محدودا تماما.
وقال الترمان "الأمر ليس بيدنا .. "إنه بيد مصر... والإدراك الواسع والعميق هو أن الحكومة لم تحقق شيئا لشعبها." وأضاف " دورنا هامشي في أحسن الأحوال".
اما وسائل الاعلام الامريكية فقد بدت مواقفها متناقضة من حالة الفوضى في مصر اذ دعت صحف الى مراجعة العلاقات بين واشنطن والقاهرة بينما دعت اخرى الى التزام الحذر.
وكتبت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحية "بدلا من دعوة زعيم عنيد "الرئيس المصري حسني مبارك" الى تطبيق اصلاحات، على الادارة "الاميركية" ان تحاول تمهيد الطريق لتطبيق برنامج المعارضة بطريقة سلمية".
واضافت الصحيفة انه على الحكومة الامريكية اختيار محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وقادة آخرين في المعارضة.
وتابعت انه على الحكومة الامريكية ايضا "ابلاغ الجيش المصري بان القمع العنيف للانتفاضة سيؤدي الى قطع علاقاته مع الولايات المتحدة".
من جهتها، كتبت صحيفة لوس انجليس تايمز ان مصر ورئيسها حليفان قويان في منطقة ينتشر فيها العداء للاميركيين.
وقالت "بتوقيعه اتفاق سلام مع اسرائيل قلص الرئيس السابق انور السادات الى حد كبير امكانية وقوع حرب عربية اسرائيلية كبيرة ومصر في عهد مبارك ما زالت تلعب دورا في المحافظة على السلام بين اسرائيل والفلسطينيين".
واضافت "لا احد يتوقع ان تدعو الولايات المتحدة الى تغيير في النظام".
واخيرا نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مارتن انديك تخوفه من ان يفتح سقوط مبارك الطريق امام الاسلاميين المتطرفين الراغبين في تعزيز موقعهم في مصر.
وكتب المفاوض في الشرق الاوسط في ادارة الرئيس الاسبق بيل كلينتون "اذا لم ندعم مبارك فسيسقط النظام وسيسيطر الاخوان المسلمون على مصر ويلغون اتفاقية السلام مع اسرائيل".
واضاف ان "ذلك سيكون له نتائج سلبية على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط".
ومصر واحدة من الدول التي تحصل على جزء مهم من المساعدات الامريكية، اذ تتلقى 1,3 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنويا.
شام نيوز – صحف – وكالات