ياسامعين الصوت

عدنان عبد الرزاق - سيريا اوول

سيبقى ما تعانيه سورية، وما تكابده الأمة، يتعسلج في أذهاننا لعقود ودهور، فالتاريخ يكتب من جديد، وثمة ندم سيكسو العرب، وقت لا ينفعهم الندم، سيأتي على أمتي يوم تاريخي لاتعلمه، أو لا تحسب له إن علمت بعض سويعاته، تندم فيه كما الكسعي وتبكي بمرارة الزغابي أبي عبديل حينما خرج من زمنه الغرناطي فارغاً حتى من حضارته و"نفطه " وجواريه .

فعلاً ما أشبه اليوم بالأمس، هاهو ُملك العرب ومصائرهم يسلم إلى دول الغرب من جديد، وإن لم نبك عليه كما النساء بعد. وكأن الأوطان بمن فيها وعليها، من الهشاشة، لتقاد بالترغيب حيناً وبالترهيب بقية الأحايين....لتدجن وتدخل زريبة ال كما تشاؤون ومثلما تريددون . فنحن عند حسن ظنكم بنا، كنا ولا نزال..."عرب ولا نخجل " .

سورية هي، العرب هم، والملاحظ أن بين هي وهم فارقاً ضئيلاً في المعنى الظاهر يمكننا ارجاعه لغوياً إلى اختلاف الضمير المنفصل، بين المفرد في الأولى والضمير المحيل على الجمع في الثانية، وثمة فروقاً دلالية كبيرة بين الضميرين، تتخفى في اللغة وما أحوجها لإيضاحات جمة، حتى يجلو المعنى النائم في طيات القول، رغم أن صفة الرفع تجمع ضمائرنا، أو كانت تجمعهم في " خير أمة أخرجت للناس " .

اليوم، أحسبني أقف على ذكريات أندلسنا من جديد، مصارف عربية تتحضر للانسحاب من سورية وصناديق سيادية عربية يحضروها لتحمل وزر الديون السيادية الأوروبية...وقمة أوروأمريكية تناقش الإصلاحات العربية وتقوية النفوذ الأمريكي في أسيا وجني ثمار " الربيع العربي " .

كثرةٌ كثيرة من "ابن عباد " اعتلوا منابر "مصالح الشعوب " وبدؤوا باستمالة الناس إلى ضفة فتوحاتهم القولية، يصدقون الوفاء "للشعب " واللغة والأمة، لا يخونوها ولا يتركون معنىً لقيطاً يغشاها .

في الأمس، قيل من وزراء الاقتصاد العرب عن وقف رحلات الطيران السورية إلى الدول العربية، وعن وقف التعامل مع المصرف المركزي السوري والتوصية بتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية وعن وقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من قبل المصارف المركزية العربية مع المركزي السوري .

ومما قيل أيضاً، تجميد المشاريع العربية على الأراضي السورية ومراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية، ومن ثم انتبه " القوال " في توصيته فتدارك، باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب السوري .

رغم يقيننا أن الوطن العربي لم، ولن يفارق وجوده المادي في الجغرافيا، رغم الأزمة الفعلية في علاقة الدال " الوطن العربي " بمدلوله الجغرافي ، بيد أن سؤال يتوثب على الشفاه، لمن اختصر الوطن بمفهوم تمجيدي في الشعر والخطب السياسية، كيف ستفصلون آثار توصياتكم عن الشعب السوري، مرضاه في المشافي، أطفاله في المدارس، نساكه وعباده....والحالمون وإياكم بأننا " أمة عربية واحدة " .

ولعل الأهم في وماذا بعد ؟! إن تحول الوطن إلى حيّز ترابي قيد التشكيل وبأياد غربية وبتواطؤ من بعض الزعامات بكثير من التفكر والتخطيط والقصدية ليتحول الوطن الحلم إلى قبائل لها حكومات ونفر من الرعايا وحسابات مصرفية في الغرب....لكنها تفتقد إلى أخلاق القبيلة من الرجولة والأنفة ...

الأرجح أن سورية لن تجوع، ليست لأنها أقوى من الحصارات والاستهداف أو لأنها تكتفي ذاتياً وإلى الأبد كما يحلو للبعض التشدق، بل لأن اللعبة برمتها هي لعبة زمن، فقد يشفع للشعب السوري وطنيته التي لا يزيغ عنها، وإن كان ظلم ذوي القربى أشد وأعظم