يديعوت أحرونوت - نذل في خدمة التوراة

في درسه الاسبوعي تطرق الحاخام عوفاديا يوسيف الى التمنيات قبيل السنة الجديدة وقال ضمن امور اخرى: فليمت اعداؤنا وكارهونا، ابو مازن وكل هؤلاء الاشرار فليذهبوا من العالم؛ فليضربهم الرب تبارك اسمه ضربة طاعون، لهم ولهؤلاء الفلسطينيين – الاشرار طغاة اسرائيل». وتعقيبا على ذلك جاء من مكتب نتنياهو بان اقوال الحاخام لا تعكس نهج رئيس الوزراء او موقف حكومة اسرائيل.
لحكومة اسرائيل إذًا يوجد موقف – اقوال الحاخام لا تعكسه – ولمن يقف على رأسها يوجد نهج، وبالفعل، يخيل أن اقوال نتنياهو صادقة. الدعوة الى ضرب اعداء اسرائيل بالطاعون بالذات (يا له من عتيق!) لا تنسجم ونهجه وموقف حكومته (وان كان فيها كما يبدو، لا واحد ولا اثنين يشاركان في المشاعر التي اعرب عنها الحاخام). ابو مازن لا يزال قابلا للاستخدام والطاعون لن يحل المشكلة الفلسطينية.
ولكن السؤال الذي يطرح من التصريح الاخير ليس الفارق بين امنية الحاخام من الرب تبارك اسمه مع حلول الاعياد وبين سياسة حكومة نتنياهو. وذلك لان هناك شيء ما في الحدث الاخير (الذي سينسى بعد يومين)، في أنه بالذات يعكس نهج نتنياهو وموقف حكومته – الموقف المتسامح بلا حدود مع اقوال وافعال تتم باسم توراة اسرائيل.
في دولة اسرائيل مسموح للمرء أن يكون «نذلا في خدمة التوراة». لا يوجد عمل نذل يصبح، تحت غطاء فقهي مناسب، وباشراف الحاخامية الصحيحة، مشروعا. الفقه هو المبيض المطلق لكل وصمة اخلاقية. تريدون الدعوة الى قتل الاغيار؟ تريدون السماح بالسلب والنهب؟ تريدون جعل التمييز الفظ العنصري تقليدا اسرائيليا؟ كل ما تحتاجون اليه هو المرجعية الفقهية السليمة، ومثل هذه المرجعيات، ويا للويل، لدينا بوفرة.
ماذا تريدون من حاخام فلاني يعلن بانه وجد في الفلسطينيين الشعوب السبعة التي حكمها الابادة؟ ماذا تنتقدون مدير مدرسة علاني يستخدم معايير عنصرية تجاه الاثيوبيين أو «الشرقيين»؟ مهما كانت منكرة اقوالهم وافعالهم، فهذه ليست سوى تمسك بسبل ابائنا واجدادنا. من يهاجمهم يهاجم توراتنا المقدسة ويهدد بالتلميح، اعوذ بالله، بانه يوجد في التوراة شيء جدير بالتغيير. من نحن حتى نطلب تغيير تراثنا المقدس، التراث الذي بفضله، كما قيل لنا، بقي الشعب الشعب اليهودي على قيد الحياة.
غير أن هذه الصورة المزايدة والمغلوطة لتقاليد الفقه اليهودي تتجاهل حقيقة أن كل جيل وجيل يفسر من جديد تراثه – تراثنا. لو انبعث عيزرا الكاتب الى الحياة، لمشكوك فيه أن كان يشخص غير قليل من المناهج والمواقف يعلن عنها من يتخذها كمواقف مقدسة وغير قابلة للتغيير. اليهودية تتغير ولكل جيل من المفسرين الحق النبش في التوراة وملاءمته مع العالم. في الولايات المتحدة في سنوات الستينيات وقف حاخامون وزعماء الطوائف اليهودية على رأس الصراع من أجل مساواة حقوق السود والعدالة الاجتماعية. وفي اسرائيل ينضمون، على نحو شبه دائم، الى المعسكر المضاد، الذين يغلقون على أنفسهم بوابة الكراهية للاخر، تجاهل ضائقة الساكن والمقيم، والحرص علينا وعلى رجالنا فقط مهما كان الثمن.
السياقات التي جعلت القيادة اليهودية الارثوذكسية في اسرائيل مجموعة تصم اذانها من ناحية اخلاقية، مجموعة تستخدم في احيان قريبة جدا الفقه كرخصة للقيام بالاعمال النذلة وليس كسبيل لعمل الخير، كأمر لدق طبول الحرب وليس كواجب لصنع السلام، معقدة ومحزنة. المفاجىء هو الاستعداد العلماني لقبول نهج وموقف مجموعة واحدة من مفسري الهوية اليهودية كظاهرة طبيعية لا يمكن للعلماني الا أن يهز كتفيه ويدور عينيه الى السماء حيالها.
لم يتبقَ سوى أن نذكرهم بالاقوال الجميلة للحاخام يهوشع، «ليست في السماء هي». واجب علينا، علمانيين ومتدينين على حد سواء، ان ننبذ النذالة، سواء جاءت دون إذن من التوراة أم كانت ترتكب بإذنها.
يديعوت أحرونوت - أفيعاد كلاينبرغ - 1 - 9 - 2010