يديعوت احرونوت- مصير السياسيين

روى برونو فولتر، الملحن الشهير، أنه في شبابه عانى من آلام في يده وذهب للتشاور مع د. زيغموند فرويد، الذي كان في حينه طبيباً، وبدأ يشتهر بفضل نظريته النفسية. اعتقد فولتر أن فرويد سيهتم بنزعته الجنسية، ولكن لخيبة أمله اكتفى أبو علم النفس التحليلي بفحص ذراعه والقول إن الحديث يدور عن تشنجات عضلية فقط.
كل من يحاول أن يجد دوافع نفسية عميقة وأسباباً في الوعي الباطني في أفعال السياسيين المركزيين عندنا اليوم سيخيب أمله بشدة. فهو سيكتشف بأنه لا توجد أي صلة بين سلوكهم الحالي وبين التجارب التي صممت شخصياتهم في بيوت أهاليهم السياسية، وأن الصدمة المركزية التي توجه أفعالهم هي التخوف من الهزيمة في صناديق الاقتراع.
المفاوضات السياسية، التي توجد على البوابة، قد لا تحسم مصير السلام، ولكنها ستحسم مصير السياسيين مع حلول الانتخابات القادمة:
بنيامين نتنياهو: في واشنطن قال إنه يمكن التوقيع على اتفاق سلام في غضون سنة، اما لمواطني اسرائيل فأعلن، في رسالة فيديو قصيرة بمناسبة السنة الجديدة، أنه ليس واثقا بأن يكون ما هو جديد بعد سنة. هنري كيسنجر قال إنه ليس لاسرائيل سياسة خارجية بل سياسة داخلية فقط. لنتنياهو خطابات خارجية وخطابات داخلية على حد سواء. أي منهم سيلقي به بعد سنة؟ على ما يبدو، ما يساعده على مواصلة الطريق. يحتمل، في هذه الحالة، ان يكون الفارق بين الزعيم الهستيري الذي سيفعل كل شيء كي يبقى على قيد الحياة وبين الزعيم التاريخي الذي يفعل كل ما هو مناسب ليس كبيراً جداً. ويحتمل أن لا.
ايهود باراك: رغم أن وثيقة غالنت كانت مزيفة، نجح باراك في أن يحقق كل ما كان مكتوبا فيها. فهل سينجح في تحقيق ما يعتبر "الخطاب المزيف" لنتنياهو في بار ايلان؟ الـ "أنا" الداخلية لباراك ليست معقدة جدا: الدولة هي أنا. ما الذي سيكون خيراً لباراك في هذا الاوان؟ مسيرة سياسية تعيده الى حضن حزبه وعودة الى السباق على رئاسة الوزراء. وهو لم يتردد في تحطيم رئيس الاركان الذي وقف في طريقه، ولن يتردد في تحطيم رئيس وزراء كي يعيد بناء مكانته، تسيبي لفني: ملكة حفلة السياسة الاسرائيلية تجد نفسها كزينة في حفلة بدء المفاوضات. لفني لم تنجح بعد في أن تبني لنفسها مكانة رئيس وزراء بديل، بسبب السلوك المعارض المتردد وبسبب الشخصية التي لا تجذب الاخرين اليها. هاري ترومان قال إن من لا يمكنه أن يحتمل حر المطبخ السياسي فيجب ألا يدخله. ليسوا كثيرين من يدخلون المطبخ السياسي للفني بسبب البرودة التي تسود فيه. لفني ستقوم او تسقط، اذا ما سقطت أو قامت المفاوضات السياسية.
أفيغدور ليبرمان: لم يسبق ان كان هناك سياسي لا يؤمن الكثير جدا من الاسرائيليين به أو يصدقونه كليبرمان. اذا أصدر فتوى مطارد على نتنياهو بسبب المفاوضات، فان الجمهور قد يقتنع بأن رئيس الوزراء يطارد السلام. الان هو ضد، ولكن ربما، مع حلول عيد العرش، سيتذكر ليبرمان ملف الاشتباه الجنائي الذي ينتظره.
ايلي يشاي: يوجد في الايام الفظيعة التي بين الحاخام عوفاديا الآفل وبين أري درعي المزدهر، بين زعيم "شاس" الذي يتمنى موت أبو مازن وبين الزعيم المرشح الذي يتمنى عفو اليسار. ماذا سيفعل يشاي؟ لن يسارع الى ترك الحكومة مثلما فعلت "شاس" عندما بدأ باراك المفاوضات مع الفلسطينيين. ربما هو، مثل سياسيين آخرين في اليمين، يأملون بأن احتياجات البقاء السياسي لنتنياهو لن تؤدي الى صدمة وطنية بالنسبة لهم. بل مجرد تشنج عضلات خفيف في تاريخنا السياسي.
يديعوت احرونوت - باروخ ليشم - 14 - 9 - 2010