يديعوت احرونوت - فيلم مكرر

 اتصل بي عدة مراسلين أجانب في نهاية الاسبوع، وكان لديهم سؤال: كيف حصل ان يتأثر العالم باستئناف المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين، بينما في اسرائيل بصعوبة تحتل البشرى الكبرى المكان الثاني أو الثالث في الاخبار.
يخيل أن الاسرائيليين، بمن فيهم اولئك الذين يرون في المصالحة الاسرائيلية ـ الفلسطينية هدفا مهما وايجابيا، قد تعلموا كيف يفصلون بين الاحتفالات في الساحة الجنوبية للبيت الابيض وبين واقع الحياة هنا. حسناً انهم يتحدثون، ولكن من المشكوك فيه جدا أن تؤدي هذه الاحاديث الى شيء ما.
الكثير من الكلمات تم تبادلها بين الطرفين، في الـ 17 سنة التي مرت منذ "اوسلو"، وبين الكلمات كان غير قليل من القتلى والجرحى، ولا يوجد اتفاق سلام. كنا في هذا الفيلم، وكنا مرة اخرى، ومرة اخرى ومرة اخرى. من الصعب التصديق بأنه في هذه المرة بالذات سينتهي الامر نهاية سعيدة.
وزراء حكومة نتنياهو ينقسمون الى ثلاثة معسكرات في نهجهم تجاه المسيرة. احد المعسكرات مقتنع بأننا في ذروة مسيرة تاريخية. الاصولية الاسلامية في صعود. اسرائيل، الانظمة العربية و"م.ت.ف" يتصدون لعدو مشترك يهدد وجودهم. اذا لم يتحقق اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين فإن "فتح" ستنتهي، وبدلا منها ستسيطر "حماس" على الشعب الفلسطيني. وعليه، فإن الزمن لا يعمل في صالح الطرفين، والزمن ملح. يجب الوصول الى اتفاق يقوم على اساس خطوط 1967، كتل الاستيطان والاحياء اليهودية في القدس ضمن السيادة الاسرائيلية، تبادل للاراضي وحق عودة للدولة الفلسطينية. هذه المجموعة تضم وزراء العمل برئاسة باراك، ودان مريدور وميخائيل ايتان من "الليكود".
ايتان، في مقابلة مع "يديعوت احرونوت" يوم الجمعة الماضي ادعى بأن نتنياهو ايضا، حسب اقواله وافعاله، ينتمي الى هذه المجموعة. مريدور وايتان يسيران أمام نتنياهو. وزراء آخرون سيسيرون خلفه، اذا ما وعندما يقترب من اتفاق.
مجموعة ثانية من الوزراء تتجاهل المسيرة انطلاقا من احتقار مجرد وجودها. الوزير البارز في هذه المجموعة هو افيغدور ليبرمان. مجموعة ثالثة من الوزراء مستعدة لأن تؤيد المفاوضات شريطة ان يضمن لها بأنه في نهاية المطاف لن يفجرها الفلسطينيون. الوزير البارز في هذه المجموعة هي بيني بيغن.
الصراع الاول داخل الحكومة كفيل بأن ينشب قبيل نهاية فترة تجميد البناء، في 26 ايلول. وزراء المجموعة الاولى سيؤيدون استئناف البناء في الكتل الاستيطانية، ولكن ليس في قلب "يهودا" و"السامرة". وزراء المجموعة الثالثة سيتطلعون الى استئناف كامل بل وربما توسيع للبناء في كل المنطقة. القرار سيكون بيد نتنياهو.
حتى اليوم منع نتنياهو بحثاً في "الليكود" وفي الحكومة في امور ستبحث في المفاوضات. الآن هو الزمن لانعاش هذا البحث.
القيادة الفلسطينية ـ بقدر كبير ـ صورة مرآة لإسرائيل: هناك ايضا يسيطر الشك، لدرجة انعدام الثقة أو انعدام الاهتمام. هناك ايضا توجد اراء مختلفة حول فرص تحقيق شيء ما في المحادثات. ابو مازن يسافر الى واشنطن ليس لأنه يؤمن باحتمالات الوصول الى اتفاق، بل بسبب تعلقه بالولايات المتحدة وبالجامعة العربية.
المبعوث الاميركي جورج ميتشل قال جملة جميلة في المؤتمر الصحافي لهيلاري كلينتون وله يوم الجمعة. فقد ذكر المفاوضات الطويلة التي ادارها في ايرلندا الشمالية والتي انتهت باتفاق ناجح، حيث قال: "في المفاوضات كل يوم لا ينتهي باتفاق هو فشل. في ايرلندا كان لنا 700 فشل، ونجاح واحد".
ابتسامته كانت جد متفائلة، جد واثقة، بحيث كدنا نتمنى له: صحة على الفشلات التي في الطريق.

يديعوت احرونوت - ناحوم برنباع - 23 - 8 - 2010