يوم سقط الزعيم!

يوم سقط الزعيم!!
شام نيوز - تيسير أحمد
منذ سنوات عديدة يتحدث المقربون من "الزعيم" عادل إمام عن أنه فقد الصلة بالواقع، ولم يعد يربطه بالشارع سوى عجلات سيارته السوداء "المفيمة".
كانت أوهام العظمة تسيطر عليه، وهواجس التفرد الفني تقود خطواته، ولذلك واصل لعب دور فتى الشاشة الأوحد على الرغم من الشيب الذي غزا مفرقه، والتجاعيد التي غضنت وجهه.
كان موقف "الزعيم" من مظاهرات الغضب التي أعلنها شباب مصر احتجاجاً على فشل النظام بجميع سياساته الداخلية والخارجية، كان علامة فارقة في مسار مواقف الفنانين المصريين من انتفاضة الشباب، وحتى نقيب الفنون التمثيلية الدكتور أشرف زكي الذي يمثل وجهة النظر الرسمية لم يكن قاسياً في وصف تحركات الشباب كما كان "الزعيم" قاسياً، لقد وصفهم بالغوغاء ومثيري الشغب والفوضويين والنهابين وكل ما فاضت به قريحته، ولكنه ويا للأسف! عاد ليتراجع عن تصريحاته المسجلة والموثقة، لينكر أقواله السابقة وليتبنى موقفاً جديداً بعد أن شاهد الكفة تميل لصالح الشباب المنتفض على حساب النظام الذي تبخرت ذراعه الأمنية بين عشية وضحاها.
ومن استمع إلى تصريحات "الزعيم"، الذي حرص على مخاطبة كل وسائل الاعلام ووكالات الأنباء بشكل غريب ليعلن تبرؤه من تصريحاته السابقة، يدرك أن من كان يترفع على الاعلام ولا يصرح إلا لصحف مختارة وصحفيين مختارين، يمر في مأزق لا يحسد عليه بعد أن انهالت عليه الانتقادات والشتائم من كل حدب وصوب على مواقع الشبكة العالمية، التي تداولت خبر وصفه للشباب المتظاهرين بالغوغاء.
ولكن تصريحات "الزعيم" للعربية وللجزيرة وللوكالة الفرنسية ولوكالة رويترز وباقي الوكالات والمحطات لم تقنع أحداً بصدق مشاعره التي ادعى فيها أنه كان يتمنى أن يكون مع الشباب في المظاهرات، وعندما سألته المذيعة عن موانع عدم مشاركته فقال ساخراً "وهل تريدين ان اتلقى ضربة عصاة على ظهري".
مأساة "الزعيم" أنه عزل نفسه عن الناس وارتضى العيش ببرج عال واقتصرت علاقته على فئة محدودة من الناس بينهم مسؤولون كبار في نظام مبارك، وهؤلاء استخدموا الزعيم طوال السنوات الماضية لتلميع صورة النظام المنهار، وتحسين سمعة الأجهزة التي تبخرت عندما احتاج الشعب المصري لها في أزمته الراهنة.
سوف تذهب أفلام "الزعيم" التي تتحدث عن مثالية رجل الأمن المصري، إلى مزبلة التاريخ، وستبقى أفلام خالد يوسف وخالد الصاوي وغيرهم من الفنانين الشجعان الذي رفضوا الوقوف على الحياد في لحظة مصر الحرجة، والتي تهدد تراث مصر الثقافي والانساني بشكل يذكر بما جرى في العراق لحظة سقوط بغداد.
مشكلة العديد من فناني مصر انهم كرسوا وقتهم وفنهم لسنوات طويلة في خدمة نظام ابتعد عن نبض الشارع العربي، وارتضى أن يكون معبراً للمشاريع الاستعمارية والصهيونية بما فيها الاشتراك في جريمة حصار غزة، ولذلك نراهم الآن صامتون غير مصدقين ما يجري، وكأنهم يحاولون الانتظار لرؤية موازين القوى على الأرض لكي يتخذو الموقف المناسب.. ولكن يبدو أن الوقت قد فات فات..