يومٌ واحد لا يكفي لعيد المرأة في سورية

خاص- شام إف إم
عروب حمود
تناضل النساء في بلادنا منذ طلوع الضوء إلى ما بعد غروب الشمس، حيث يلعبن دور الأم والعاملة والسيدة والمربية، فيما لا يكفي يومٌ واحد للاحتفال بها، ولا حتى أيام السنة كلها.
تحتفل سيدات العالم اليوم بعيد المرأة العالي، والذي يصادف الـ 8 من آذار من كل عام، إذ يعتبر يوم عطلة رسمية في دول عدة، ويحتفل به اجتماعياً أو محلياً في بلدان أخرى.
بدأت الحكاية عام 1908 عندما خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات، ليعلن الحزب الاشتراكي الأمريكي في العام التالي أول يوم وطني للمرأة.
واقترحت الشيوعية والناشطة في مجال حقوق المرأة "كلارا زيتكن" جعل هذا اليوم يوماً عالمياً، وليس مجرد يوم وطني، وعرضت فكرتها عام 1910 في مؤتمر دولي للمرأة العاملة عُقد في مدينة كوبنهاغن الدنماركية، وشارك في المؤتمر 100 امرأة قَدِمْنَ من 17 دولة، وكلهن وافقن على الاقتراح بالإجماع.
واحتفل باليوم العالمي للمرأة لأول مرة عام 1911، في كل من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا، وجاءت ذكراه المئوية عام 2011 - لذا فنحن نحتفل هذا العام باليوم العالمي للمرأة رقم 113.
وأصبح الأمر رسمياً عام 1975 عندما بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال بهذا اليوم واختيار موضوع مختلف له لكل عام؛ وكان أول موضوع للاحتفال تبنته المنظمة الدولية عام 1996 يدور حول "الاحتفاء بالماضي، والتخطيط للمستقبل".
وغدا اليوم العالمي للمرأة موعداً للاحتفال بإنجازات المرأة في المجتمع وفي المجالات السياسية والاقتصادية، في حين أن فكرته تقوم على الإضرابات والاحتجاجات المنظمة لنشر الوعي حول استمرارية عدم المساواة بين الرجال والنساء.
"بالبنفسجي والأخضر والأبيض نحيا"
ترتدي النساء أو تستخدمن ألواناً تتضمن "البنفسجي والأخضر والأبيض" في اليوم العالمي للمرأة.
وكان الاتحاد الاجتماعي والسياسي للنساء في المملكة المتحدة هو أول من استخدم رمز هذه الألوان في عام 1908، حيث إن اللون البنفسجي يرمز إلى العدالة والكرامة، أما الأخضر فيرمز إلى الأمل، ويمثل اللون الأبيض النقاء وإن كان مفهوماً مثيراً للجدل.
من المؤسف أن نحتفل في عيد المرأة ولا نحتج!
لا تزال المرأة في سورية تواجه التمييز فيما يتعلق بالزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، والميراث بموجب قانون الأحوال الشخصية. تفقد المرأة حقها في النفقة من زوجها إذا رفضت العيش معه في بيت الزوجية دون "عذر شرعي"، أو إذا عملت خارج منزل الزوجية دون إذن زوجها، وعدلت السلطات القانون مرتين في 2019 بإزالة النصوص المتعلقة بـ "عدم طاعة" النساء لأزواجهن، لكنه لا يزال يعاقب النساء على بعض أفعال العصيان المتعلقة بالتنقل.
وفي عيد المرأة العالمي عام 2020، أحالت الحكومة السورية إلى مجلس الشعب (البرلمان) مشروع قانون بإلغاء المادة التي تمنح أحكاماً مخففة و"أعذاراً" لمرتكبي ما تُعرف بجرائم الشرف، حيث صدر مرسوم ألغيت بموجبه المادة (548) من المرسوم التشريعي رقم (37) من قانون العقوبات السوري والتي كان يستفيد بموجبها من العذر المخفف من ارتكب جريمة قتل دفاعاً عن الشرف، حيث كانت المادة الملغاة تخلو من أي تحديد للحد الأدنى للعقوبة تجاه هذه الجرائم، وبموجب المرسوم الجديد أصبح الحد الأدنى للعقوبات المتعلقة بجرائم الشرف الحبس مدة سنتين.
رغم ذلك تشير الإحصائيات إلى أن 65% من السيدات السوريات يتعرضن للتمييز القائم على النوع الاجتماعي بأشكال مختلفة، ويواجهن تحديات كبيرة بمثابة مساومة بينها وبين المواجهة من أجل البقاء، إضافة إلى أن النساء يشغلن 11.2٪ فقط من مقاعد البرلمان، وغالباً ما تواجه النساء في سن الإنجاب (15-49 سنة) حواجز فيما يتعلق بصحتهن وحقوقهن الجنسية والإنجابية.
الإحصائيات تعكس واقعاً صعباً تعيشه المرأة السورية خاصة في ظل الظروف التي فرضتها الحرب العسكرية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات الحكومة السورية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية المعنية، للنهوض بواقع المرأة السورية من خلال تعزيز ثقافة المساواة ودعمها بتشريعات قانونية تساعد في صون حقوق المرأة والمحافظة على كرامتها وتدعم استقلاليتها.